عاش الشارع الرياضي المغربي أمس السبت، أوقات عصيبة، خاصة الجماهير البيضاوية وتحديدا جماهير الرجاء الرياضي، وذلك خلال مباراة النسور والأهلي المصري، والتي انتهت بخروج الرجاء من دوري أبطال إفريقيا.
ولم تكن الكارثة إقصاء الرجاء من دور ربع نهائي دوري الأبطال للموسم الثاني على التوالي أمام نفس الخصم، وبرعونة كبيرة من اللاعبين أمام حضور جماهيري كبير، قدم كل ما في جعبته لسحب الفريق لقمة القارة السمراء، بل الطامة والمصيبة كانت في التنظيم “الكارثي المحكم”، من قبل الشركة المسؤولة بدرجة أولى والأمن بدرجة ثانية.
فلا يعقل أن يتم منع أزيد من 5000 آلاف مشجع رجاوي يحمل تذكرته من متابعة المباراة، على بعد ساعات من انطلاق المباراة، بحجة امتلاء مدرجات “دونور”.
بغض النظر عن الإنتماء والفريق الذي تشجعه، من غير المقبول معاملة الجمهور كقطيع وبدون إنسانية، كارثة عظمى عاشها جمهور الرجاء الذي راح ضحية “لسوء التنظيم المحكم” أمس خلال مباراة القمة بين الرجاء الرياضي والأهلي المصري.
عرس رياضي يتحول لعزاء وليلة سوداء، كان بالإمكان تجنب هذه الكارثة بقليل من الحكمة وبخطط استباقية وتنظيمية أفضل، خاصة أن مباراة الوداد الرياضي وسيمبا التانزاني، دقت ناقوس الخطر بخصوص العشوائية الكبيرة التي تعرفها عملية ولوج الملعب، بعدما بقي المئات من المشجعين الوداديين بتذاكرهم خارج الملعب بحجة “التيران عامر”.
“تيران عامر سدو البيبان”، هي الحجة التي تعود الجمهور على سماعها عند كل مباراة برغم من اقتنائه لتذاكره وتكبد المعاناة من أجل سحبها أيام قبل المباراة، وفي آخر المطاف لا يمكنه متابعة فريقه المفضل والذي ينتظر طوال الأسبوع من أجل تفريغ كل الضغوط التي تعيشها في مجتمع لا يتقن شيء سوى نشر الطاقة السلبية.
لا يعقل أن يتنقل شخص ليعيش ساعة ونصف من السعادة في المدرجات “بغض النظر عن نتيجة المباراة”، ينتهي به المطاف تحت الثرى بسبب كوارث تنظيمية وأمنية، يعجزون على تأمين مشجعين مرفقين بعائلاتهم وأطفالهم لمتابعة مباراة كرة القدم، وتكتفي الجهات المسؤولة بتعليق فشلها على شماعة “الجمهور هو السبب ومحسوبين على الجمهور والشغب الجماهيري”.
كفانا عبثا، فبعد أن كانت الأقدار رحيمة خلال مباراة الجمعة، لم تستمر كذلك يوم السبت، وكانت الفاجعة وفارقة نورة الحياة إلى جوار ربها، بسبب عدم القدرة على تنظيم مباراة في كرة القدم.
ما دور الحواجز الأمنية التي تتواجد على بعد مئات الأمتار عن مركب محمد الخامس، إن لم تكن قادرة على منع الأشخاص الغير متوفرين على تذاكر من محيط الملعب، ما دور الشركة المكلفة التي لا يمكنها التمييز بين التذاكر الصحيحة من التذاكر المزورة… وغيرها من الأسئلة التي كما كان الحدث مهما كانت العنوان الأبرز أثناء وفي أعقاب هذا الحدث.
من غير المعقول أن نطالب بعض الجمهور “النساء والصغار وكبار السن” عدم الحضور للمباريات الكبرى بحجة أنها ستكون مشحونة وسيرافقها صدامات وغيره من الأسباب، لا يمكن سلب الناس حقهم في متابعة أنديتهم المفضلة كيفما كان السبب، من غير المقبول أن يتم التعامل بهذه الطريقة مع مواطنين لم يرتكبوا خطأ سوى أنهم يمارسون حقوقهم التي تكفلها جميع المواثيق والقوانين.
لا يمكننا أن نتقبل أن مباراة في كرة القدم تتحول لتصبح مسرح لوقوع ضحايا ومصابين لأي سبب كان، ففي نهاية المطاف هي لعبة ورياضة شعارها الأول الروح الرياضية، وهدفا الأول والأخير الترويح عن النفس ونسيان ضغوط يعيشها جمهور معظمه من طبقة كادحة من مجتمع أنهكته متطلبات الحياة، فكفانا عبثا بأرواح الناس.
أخيرا وليس آخرا، ندعو بالرحمة والمغفرة للمشجعة الرجاوية نورة، وندعو الله أن يرزق أهلها ودويها الصبر والسلوان، دون نسيان المصابين الذين تجاوز عددهم العشرات، بسبب الازدحام الشديد، والتدخل الأمني القوي.
وختاما وجب على السلطات الأمنية لمدينة الدار البيضاء، التعامل بلياقة أكبر مع الجماهير البيضاوية، وإعادة النظر في المقاربة الأمنية لتجنب وقوع وفيات وخسائر بشرية أثناء تأمين المباريات، إضافة إلى مطالبة الشركة المكلفة في تحمل مسؤولياتها وحفظ كرامة الجماهير التي تتنفس عشق الكرة، وتعطي إشعاعا لبلدنا وتكون أحسن سفير في مختلف بقاع العالم.